في رحلة نمو طفلك الرضيع، يُعد مرحلة التسنين من أكثر الفترات إرهاقًا للأمهات والآباء على حد سواء. غالبًا ما ترتبط هذه المرحلة بـ حمى التسنين، التي تثير قلقًا كبيرًا بين الآباء، خاصة مع انتشار المعلومات المغلوطة حول خطورتها. هل حمى التسنين خطيرة فعلاً؟ وما هي حمى الاسنان للرضع؟ في هذا المقال الشامل، سنستعرض بشكل علمي ومبسط حمى التسنين للرضع، وحمى تسنين الاطفال، مع التركيز على الأعراض الدقيقة، وطرق تخفيف حمى التسنين، والعلاجات الآمنة. سنعتمد على دراسات طبية موثوقة من منظمة الصحة العالمية وجمعية طب الأطفال الأمريكية، لنقدم لكِ نصائح عملية تساعدكِ على تجاوز هذه المرحلة بسلام، دون قلق زائد أو علاجات خاطئة قد تضر بصحة طفلك.
ما هي حمى التسنين وهل هي خطيرة فعلاً؟
حمى التسنين هي ارتفاع طفيف في درجة حرارة جسم الرضيع أثناء خروج الأسنان، وغالباً ما تكون أقل من 38 درجة مئوية. خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن حمى الاطفال عند التسنين ليست ناتجة مباشرة عن نمو الأسنان، بل عن الالتهاب الموضعي في اللثة، أو زيادة إفراز اللعاب الذي يحمل بكتيريا، أو حتى عدوى فيروسية مصادفة خلال هذه الفترة الحساسة (من 6 إلى 24 شهرًا). دراسات نشرتها مجلة Pediatrics أكدت أن حمى التسنين للرضع نادرًا ما تتجاوز 38.5 درجة، وإذا ارتفعت أكثر، فهي غالبًا علامة على مرض آخر مثل الإنفلونزا أو التهاب الأذن.
هل هي خطيرة؟ في معظم الحالات، لا. حمى الاسنان للرضع خفيفة وتزول تلقائيًا خلال 1-3 أيام، ولا تسبب مضاعفات. لكن إهمال الأعراض الأخرى أو الاعتماد على علاجات شعبية قد يؤدي إلى مشكلات. الخطر الحقيقي يكمن في الخلط بين حمى تسنين الاطفال وأمراض أخرى، لذا يُنصح دائمًا بقياس الحرارة بدقة واستشارة الطبيب إذا استمرت أكثر من يومين أو صاحبتها أعراض شديدة مثل القيء أو الإعياء الشديد.
ما هي أعراض التسنين عند الأطفال؟
تبدأ أعراض التسنين عادةً قبل خروج السن بأسابيع، وتختلف شدتها من طفل لآخر. إليكِ أبرز أعراض التسنين عند الأطفال الشائعة والمدعومة علميًا:
- الرغبة في عض الأشياء من حوله سواء الألعاب أو الأصابع: كما يقوم بعض الأطفال بعض ثدي الأم بقوة أثناء الرضاعة. هذا السلوك يأتي من الضغط على اللثة لتخفيف الألم، وهو علامة كلاسيكية على بدء التسنين.
- سيلان اللعاب بكثرة: يعاني الطفل من حكة مستمرة في الفم تؤدي إلى إفراز كمية من اللعاب أكثر من الطبيعي، مما قد يسبب طفحًا جلديًا حول الفم أو الذقن إذا لم يُمسح بانتظام.
- يعاني معظم الأطفال تقريبًا من تورم والتهاب اللثة: نتيجة لبدء اللثة في التشقق ونمو أسنان جديدة، أو بسبب عضه للأشياء والأجسام الغريبة من حوله. قد ترين احمرارًا أو انتفاخًا واضحًا، وقد يظهر السن الأبيض تحت اللثة.
- الشعور بالمغص والإسهال: بسبب ابتلاع اللعاب الزائد أو تغير في عادات الأكل، لكن الإسهال الشديد ليس من أعراض التسنين ويحتاج تقييمًا طبيًا.
- ارتفاع في درجة حرارة الجسم وصعوبة نوم الطفل ليلاً: هنا تظهر حمى التسنين كارتفاع خفيف، مع بكاء متقطع وبعض القلق، مما يجعل الليالي صعبة على الجميع.
هذه الأعراض طبيعية وتزول مع خروج السن، لكن مراقبتها تساعد في التمييز بين التسنين والأمراض الأخرى.
هل يجب القلق من حمى التسنين ومتى تستشيرين الطبيب؟
كما ذكرنا، حمى التسنين غير خطيرة إذا كانت خفيفة. لكن استشيري الطبيب فورًا إذا:
- ارتفعت الحرارة فوق 38.5 درجة.
- استمررت حمى الاطفال عند التسنين أكثر من 48 ساعة.
- صاحبتها إسهال شديد، قيء، أو رفض الرضاعة.
- ظهر طفح جلدي واسع أو علامات جفاف.
هذه قد تكون إشارات لعدوى، لا حمى التسنين للرضع.
علاج تسنين الأطفال: طرق آمنة وفعالة لتخفيف الألم والحمى
العلاج يركز على تخفيف حمى التسنين والألم دون أدوية إلا عند الضرورة. إليكِ أفضل الطرق الموصى بها من أطباء الأطفال:
- استخدام (عضاضة) التسنين بعد تبريدها قليلاً في الثلاجة: من الممكن أن يؤدي الضغط على لثة الطفل بعضاضة باردة أن يشعر الطفل بالارتياح وتخدير الألم في اللثة. اختاري عضاضات سيليكون خالية من BPA، وتجنبي التجميد لئلا تحرق اللثة.
- تدليك اللثة: حيث من الممكن أن يساعد تدليك لثة الطفل من خلال الضغط عليها بلطف بإصبع نظيف أو قطعة قماش مبللة باردة في تخفيف الألم وتهدئة الطفل. هذا يقلل الالتهاب ويعزز الراحة.
- استخدمي مسكنات الألم ومضادات الالتهاب مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين: حيث تعتبر من أفضل مسكنات آلام التسنين عند الأطفال، إنها خيار جيد لتخفيف الألم بشكل مؤقت، ولكن من الضروري عدم تجاوز الجرعة الموصى بها (حسب الوزن والعمر) واستشارة الطبيب أولاً. تجنبي الأسبرين تمامًا للأطفال.
- استخدام الأعشاب في تخفيف الألم: حيث تم استخدام العديد من النباتات العشبية لهذا الغرض منذ القِدم، مثل:
- البابونج: حيث يساعد الطفل على الاسترخاء والهدوء والتخفيف من تهيج لثته. قدميه كشاي مخفف وبارد.
- النعناع البري: بالإضافة إلى أنه يساعد الأطفال على الاسترخاء والشعور بالراحة، فهو يساعد أيضًا على تهدئتهم. استخدميه كزيت مخفف على اللثة.
- القرنفل: حيث يعتبر مخدر موضعي طبيعي، يعمل على تخفيف شعور الطفل بالألم. اخلطي قطرة زيت قرنفل مع زيت ناقل ودلكي بلطف.
تجنبي الجل الموضعي للتسنين الذي يحتوي على بنزوكائين أو ليدوكائين، فقد حذرت FDA من مخاطره مثل متلازمة ميثيموغلوبينيميا.
نصائح إضافية لتخفيف حمى التسنين وتهدئة الطفل
- الحفاظ على النظافة: امسحي اللعاب بانتظام لمنع الطفح، ونظفي الألعاب جيدًا.
- الرضاعة الطبيعية: تزيد من الراحة وتعزز المناعة.
- البيئة الهادئة: حملي طفلكِ كثيرًا، واستخدمي موسيقى هادئة للنوم.
- الترطيب: قدمي سوائل إضافية إذا كان يتناول الطعام الصلب.
- تجنبي السكريات: قد تزيد من الالتهاب.
متى تنتهي مرحلة التسنين وكم سنًا يخرج؟
يخرج أول سن عادةً في 6-10 أشهر، وتنتهي المرحلة الأولى (20 سن لبنية) بحلول 3 سنوات. حمى التسنين تكون أشد مع الأنياب والضواحك.
الخلاصة: حمى التسنين ليست خطيرة إذا تم التعامل معها بحكمة
حمى التسنين جزء طبيعي من نمو طفلك، وليس سببًا للذعر. مع مراقبة الأعراض واستخدام طرق تخفيف حمى التسنين الآمنة مثل العضاضة الباردة، التدليك، والمسكنات تحت إشراف طبي، ستتجاوزين هذه المرحلة بسهولة. تذكري: حمى الاسنان للرضع خفيفة، لكن أي تغيير مفاجئ يستحق زيارة الطبيب. استمتعي بابتسامة طفلك الأولى مع أسنانه الجديدة، فهي لحظة لا تُنسى! إذا كان لديكِ أي استفسار، استشيري طبيب الأطفال دائمًا لسلامة صغيرك.
